جنود وياني والغرق في مستنقع إقليم عفر .. قراءة في الاسباب

جنود وياني والغرق في مستنقع إقليم عفر .. قراءة في الاسباب

يراودوني فضول عميق، لمعرفة من الذي أشار لهؤلاء الاشقياء “وياني” باستراتيجية التوغل داخل أقاليم عفر وامهرا .. قد نجد مبررا لانتصارهم في إقليم تجراي، فهم يحاربون في ارضهم، مع وجود حاضنة شعبية تدعمهم .. هذا إن افترضنا جدلا.. بانه (انتصار) حسب روايتهم، وليس انسحابا مجدولا، حسب الرواية الحكومية

لكن ما هو المبرر للتوغل داخل أراضي الغير.. و كيف يمكن لقوات غازية، أن تحافظ على وجودها على الأرض، وتواصل تحركاتها، في أقاليم تنبذهم شعوبها بالكامل، ولا تتوفر لهم فيها أي حواضن شعبية

أولى ملامح هذا المشهد المتوقع، تحقق في إقليم عفر .. فمع اتّساع الرقعة الجغرافية التي توغلوا فيها.. استدرجوا إلى مستنقع قاتل، حيث تكالبت عليهم المقاومة الشرسة للقوات العفرية ، و جهل الوياني بالأرض، وقساوة المناخ وطول خطوط الإمداد ، فأصبحت قواتهم تهيم على وجهها ولا تعرف ماذا تفعل

لم يواجه الجيش الغازي القوات العفرية وحسب.. بل الالاف المواطنين العفريين، الذين لم .. و لن يرضوا بان تستباح أراضيهم و تنتهك سيادتهم، لينتهي توغلهم في إقليم العفر بخسارة فادحة .. ذات السيناريو يتحقق ولا يزال في إقليم امهرا ، بعد انتقال القوات هناك من التموضع الدفاعي إلى الهجوم

بين مستقنع العفر والامهرا ، وجد الغزاة انفسهم أمام أمر واقع ، اضطروا معه للدفع بالمزيد من الجنود ، لدعم قواتهم المتورطة هناك ، ومع نقص الموارد البشرية، وهي معضلة تعاني منها الأقليات ، شرعوا بالزج بصغار السن، في خطوة تعتبر ضربا من العبث والاستهانة ببني البشر، و تؤكد انهم يحاربون من أجل بقائهم و حماية مصالحهم، وليس من اجل الشعب

ما غفل عنه الوياني من استراتيجيات عسكرية، ان الحرب في أراضي الغير، تعتبر حرب استنزاف.. لا يستطيعون معها ، مهما كانت قوَّتهم ، اختيار مواصفاتها أو شروط نهايتها، وكلُّ مكابرة في نفي ذلك، تورطهم أكثر فاكثر داخل هذا المستنفع، وتزيد من خسائرهم

اكثر من ثلاثة اشهر مضت ، منذ توغل الوياني داخل أقاليم عفر وامهرا ، لكنها لم تُسفر عن أيّ مكاسب سياسية ذات مغزى ، فاسترسلوا في اتخاذ أساليب أخرى للخروج من هذا المستنقع .. منها الحرب بالوكالة، من خلال عقد تحالفات مع جماعات مسلحة، بهدف القتال نيابة عنهم.. و منها فتح جبهة ثالثة عبر الحدود مع السودان .. بيد ان هذه الأساليب لا تعدو كونها مسكنات

لذا فقد لجئوا الي خيارهم الأخير وهي الوحشية المتطرفة لتقويض معنويات العفر والامهرا وكأن التقتيل الممنهج الذي مارسوه ضد شعوب اثيوبيا ، طوال سنوات حكمهم لم يكن كافيا.

فانتقاما لهزائمهم الأخيرة، شرعوا في تنفيذ المجازر ضد المدنيين العزل ، و لم يستثنوا طفلا او شيخا .. فضلا عن تنفيذ الهجمات بالمدفعية الثقيلة ضد التجمعات المدنية، وارسال حممهم ونيرانهم على الامنين، الذين غدوا ضحايا لاستراتيجية يبررونها عسكريا بكل صفاقة، ويرمون باللوم على غيرهم في محاولة للتنصل عن الجرم المشهود وما سببوه من تخريب وقتل وتشريد لمواطني هذه الاقاليم

في مقاربة متصلة بالمؤشِّرات الميدانية، تُشير الأمور الي ان الوياني، سيواصلون الحرب من دون طائل، لانهم يراهون على استمرار الحرب كغاية بذاتها، في استدعاء للمثل التاريخي الشهير “انا ومن بعدي الطوفان” ليعيدوا انتاجه بعبثية فجة، عبر تكريس المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار حتى اخر رمق، في استعادة لذات العقد التاريخية والسلوكيات العدمية المدمرة، بشكل أكثر كارثية، دون النظر الى مآلات ما يمكن ان يحدث من تداعيات وعواقب وخيمة

بيد ان حربهم خارج أراضيهم، ستعجل من تقويض قوتهم و استنزافِ مقدراتهم و تدميرِ معنوياتهم عبر انزلاقهم في دائرة مفرغة من المواجهات ستمتد فترة طويلة، من دون آفاق واضحة للنص

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *