تأملات سياسية في مخرجات المؤتمر الأول لحزب الازدهار الإثيوبي

بقلم الأستاذ/ ياسين أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية
اختتم حزب الازدهار الحاكم بإثيوبيا، أعمال مؤتمره العام الأول، يوم الأحد الماضي، وسط مشاركة واسعة لقيادات وممثلي الأحزاب سياسية المحلية المتنافسة والعديد من ممثلي الأحزاب الصديقة بالعالم على رأسها الأحزاب الحاكمة بكل من تركيا وجنوب أفريقيا وأوغندا وجنوب السودان وجيبوتي، وبمشاركة شيوخ وعلماء وشخصيات بارزة بالبلاد.

المؤتمر الأول لحزب الازدهار بإثيوبيا، الذي جرت أعماله خلال ثلاثة أيام، يعتبر الأول منذ تشكل الحزب في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2019 بعد اندماج 8 أحزاب كانت تشكل حزب “الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية” الائتلاف السابق.

وبتقديري، فإن المؤتمر الأول لحزب الازدهار يعتبر نموذجا رائدا للعمل السياسي والأحزاب السياسية في إثيوبيا، حيث اتسم المؤتمر بالانفتاح الديمقراطي والشفافية لكل المواطنيين الإثيوبيين الذين شاهدوه عبر وسائل الإعلام الإثيوبية حيث بثت أعمال المؤتمر بثا مباشرا، وحضر افتتاحيته ممثلين عن أحزاب المعارضة الإثيوبية، و ممثليين لـ 40 حزبا سياسيا من 38 دولة شاركوا في اليوم الأول لافتتاح مؤتمر حزب الازدهار.

المنافسة على الكفاءة وليس المحاصص الاثنية:

أما مخرجات المؤتمر الأول لحزب الازدهار والتي كان من بينها إعادة انتخاب الدكتور أبي أحمد رئيسا لحزب الازدهار حرصا على قيادته لمسيرة الإصلاحات كافة والتي بدأها منذ انتخابه في العام 2018، لتكون المفاجأة الكبرى في فوز الأمين العام لحزب الازدهار السيد آدم فرح بعدد 1370 صوتا فيما جاء دمقي مكونن في المرتبة الثانية محرزا 970 صوتا، وبناء على هذه النتائج أصبح آدم فرح ودمقي مكونين نائبين لرئيس حزب الازدهار.

يعتبر انتخاب وفوز آدم فرح المنحدر من إقليم الصومال الإثيوبي بمنصب نائب رئيس الوزراء على منافسه دمقي مكونين من قومية الأمهرة دليلا قويا على أن المنافسة للمناصب القيادية داخل حزب الازدهار تقوم على الكفاءة وليس على المحاصصة الاثنية كما كان في الائتلاف السابق، ولهذا يثبت ويرسخ حزب الازدهار على أنه حزب سياسي وطني على أساس الأيديولوجية السياسية والمواطنة الإثيوبية وليس على أساس التنظيم الإثني لبعض الأحزاب السياسية الإثيوبية المحسوبة على التيار القومي.

وبناء على نتائج الانتخابات لأعضاء اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية لحزب الازدهار ربما يقوم رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد بإعادة تشكيل وزاري للحكومة الإثيوبية، ومن المتوقع أن يختار آدم فرح نائبا لرئيس الوزراء الإثيوبي، فيما يبقى دمقي مكونين فقط بمنصب وزير الخارجية الإثيوبي، بعد أن كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء إلى جانب حقيبة الخارجية.

أولويات حزب الازدهار:

أما على صعيد برامج الحزب التي أقرها المؤتمر الأول لحزب الازدهار، فكان في المخرجات والقرارات التي تمثلت في التحديات الأمنية وتعزيز السلام بإنهاء الحرب في إثيوبيا وإغاثة الشعب في إقليم تيغراي الذي يعاني من المجاعة والكوارث والمعاناة الإنسانية بسبب قوات المتمردين والإرهابيين بقيادات الجبهة الشعبية لتحرير تجراي.

ويشمل برامج الحزب، الملف الاقتصادي الذي تضرر بسبب الحرب، وتحسين معيشة الإثيوبية التي هي من الأولويات التي سيعمل الحزب على معالجتها.

كما أن الشروع في إنجاح الحوار الوطني الإثيوبي الشامل الذي تقوده اللجنة الوطنية للحوار المستقلة والمحصنة من البرلمان الإثيوبي، كانت من القضايا الحاضرة وبقوة ضمن مقررات المؤتمر، حيث تعهد حزب الازدهار في الالتزام بالمساهمة في إنجاح عملية الحوار الوطني الإثيوبي الشامل كمؤشر للتحول الديمقراطي والإصلاح الشامل بالتوافق مع كل أحزاب المعارضة الإثيوبية في الخروج من الأزمات والصراعات الداخلية لإثيوبيا حتى تكون سدا منيعا لكل محاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لإثيوبيا.

وأخيرا برنامج حزب الازدهار ورؤيته للسياسية الخارجية لإثيوبيا التي تتمثل في عدد من ملفات إقليمية ودولية على رأسها ملف سد النهضة على أساس التعاون الإقليمي الاقتصادي لتعزيز المصالح المشتركة بين إثيوبيا والسودان ومصر، وكذلك علاقات إثيوبيا بالقوى الإقليمية والدولية في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على إثيوبيا والقرن الإفريقي والشرق الأوسط.

خلاصة يمكن أن نقول أن الحزب استطاع من خلال مؤتمره الأول، أن يضع رؤيته واستراتيجية الحكم بصورة واضحة وقوية من خلال مداولات المؤتمر التي سادها جو من المسؤولية الوطنية والشفافية في الخروج بالحزب والبلاد إلى بر الأمان.
Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *