كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بتبلّد الإحساس بسبب متابعة الأخبار المروّعة؟

 

أديس أبابا، 03/18/ 2024 (أديس والتا) ـ عندما يتحدث الناس حول العالم عن “التكيّف” مع شيء ما في عام 2024، فإنهم عادة ما يحاولون إيصال معنى إيجابيا بذلك.

وعندما أكون موجودا على منصات التواصل الاجتماعي أو حتى وأنا خارجها، أصادف دعوات إلى اعتياد الأشياء واعتبارها أمورا طبيعية، بدءا من شكل الجسم بعد الولادة وحتى حضور محادثات تتعلق بالصحة النفسية في مكان العمل.

ولا شك أن الفكرة من وراء هذه الدعوات هي تجاوُز عقبات يمكن أن تكون بلا نفع إن لم تكن خطيرة.

لكن هناك نوعا آخر من التكيّف أو الاعتياد، وهو نوع غير معروف لدى الكثير من الناس. وينطوي هذا النوع من الاعتياد على قليل من الوعي، ولكنه يعود على صاحبه بكثير من الضرر.

وبالنظر إلى الحرب، سواء في أوكرانيا أو في غزة، نجد أن الأحداث الصادمة في بداية تلك الصراعات كانت “جديدة وغير متوقعة”، وهما عنصران يقول علماء النفس إنهما يجذبان انتباه الذهن.

ولكن مع مرور الوقت، ومع استمرار وسائل الإعلام في تغطية الحروب، لم تعُد أخبارها تتصدر العناوين في دول مثل الولايات المتحدة، كما لم تعد أخبار هذه الحروب تُثار في أحاديث المثقفين.

وللأسف، عندما يطول زمان الحرب لشهور أو لسنوات، تدلّ مؤشرات البحث على أن أسبوعا كاملا من القتال لم يحظَ بالمتابعة والاهتمام التي حظي بها اليوم الأول من الحرب.

وينسحب تبلُّد الحسّ على شؤون الحياة اليومية، ويعدّ أبناء المدُن من الشباب ممّن نشأوا على العنف أكثر تقبُّلا لفكرة اعتياد مشاهد العنف من غيرهم.

وقد خلص الباحثون إلى أن كثرة قيامنا بفعل شيء ما، حتى تلك الأشياء التي نعرف في قرارة أنفسنا أنها خطأ، يجعلنا أقلّ اكتراثا بمشاعرنا تجاه هذا الشيء، وما عليك إلا أن تتعرّض كثيرا لأي شيء، وسينتهي بك الأمر إلى اعتياده، حتى ولو كان سيئا.

كيف نتفادى الوصول إلى تبلُّد الحس؟

ماذا بإمكاننا أن نفعل؟ كيف يمكن أن نظل متابعين للأحداث أولاً بأول، دون الوصول إلى مرحلة الإنهاك أو تبلُّد الحس؟ كيف نتابع العديد من القضايا التي يمرّ بها العالم اليوم، ونوازِن بين رفض اعتيادها وبين مواصلة القيام بواجباتنا بنجاح؟

فيما يتعلق بمتابعة الأخبار، يقترح الباحثون متابعة الأخبار بمزيد من الاهتمام، في أوقات أكثر تحديدا، لدى الشعور بأن أزمة بعينها تستحوذ على تفكيرنا.

وفضلاً عن أهمية أن تكون الأخبار جديدة، أقترحُ أيضا الحرص على الإحاطة بالمستجدات، والحرص كذلك على تنوّع الوجبة الإعلامية المتلقّاة إن جاز التعبير.

وحتى لو كان الموضوع الذي تريد الاستزادة عنه، موضوعا محددا أو أزمة بعينها، فينبغي عدم الاقتصار على نافذة إعلامية واحدة أو حتى على وسيلة إعلامية واحدة.

وإذا كنت تتابع أخبار الحرب في غزة، فلا تقتصر على متابعة عناوين الأخبار العاجلة؛ بل ابحث عن تحليلات سياسية أجنبية، وعن مقالات كُتبت من منظور شخصي، أو شاهِد وثائقيات، أو استمع إلى كتب صوتية، أو اقرأ شعرا، وقبل كل ذلك، احرص على متابعة روايتَي طرفَي الحرب، ولا تقتصر على رواية طرف واحد.

والآن، ماذا عن ميلنا إلى التأقلم مع الظروف التي تؤثر علينا بشكل مباشر؟ حتى تلك الظروف التي لا ينبغي أن نقبل النظر إليها كأمور “عادية”؟

ـ المصدر: بي بي سي عربي.
Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *