رئيس الوزراء يبعث برسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن‎


أديس أبابا، ١٨/٩/٢٠٢١ (والتا) ـ نشرت مؤسسة فانا الإعلامية خبر نشر رئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور أبي أحمد عبر حسابه بموقع “تويتر” يوم أمس الجمعة، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن ردا على القرار الأمريكي، طالبه فيها بتفسير عدم اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات حاسمة ضد الجبهة الشعبية لتحرير تغراي

 

وقال أبي أحمد، خلال رسالة وجهها للرئيس الأمريكي جو بايدن، إن المجتمع الدولي فشل في شجب الممارسات الإرهابية للمتمردين في إقليم تغراي

 

وأضاف قائلا، أن حكومتنا بذلت جهودا حثيثة في سبيل استقرار المنطقة، وعكفت على معالجة الأزمة الإنسانية في تيغراي رغم عدم الاستقرار الذي تسبب فيه المتمردون

 

وتابع، أن السياسات الأمريكية إزاء إثيوبيا كانت مفاجئة، ولن نرضخ للضغوط المفروضة علينا بشأن أزمة تيغراي

 

ولفت إلى أنه وبالرغم من احتساب الولايات المتحدة كصديق قديم وحليف استراتيجي وشريك في الأمن، فإن السياسة التي تتبعها مؤخرا يظهر أنها تتجاوز المخاوف الإنسانية لأهداف أخرى، وقد فشل العالم في توبيخ جبهة تحرير تيغراي الإرهابية بشكل علني وجاد، بنفس الطريقة التي يعاقب بها حكومتي

 

وفيما يلي نص رسالة رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد وجهها للرئيس الأمريكي

 

بينما أكتب هذه الرسالة المفتوحة إليكم، في وقت تعرض فيه المدنيون الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال والفئات الضعيفة الأخرى في إقليمي عفر وأمهرة ، للتشرد والنزوح، وتعطلت سبل عيشهم، وتم قتل أفراد أسرهم، ونهب ممتلكاتهم

 

أكتب لكم هذه الرسالة في الوقت الذي يتم فيه استخدام أطفالنا في إقليم تغراي كوقود للمدافع من قبل فلول منظمة تم تصنيفها مؤخرًا على أنها “إرهابية” من قبل مجلس النواب التابع لنا

 

أكتب لكم بلسان حال أطفال جيل ما بعد الحرب الذين لديهم آمال كبيرة في إمكانية أن تكون حياتهم مختلفة بشكل واضح عن حياة والديهم، والذين شوهت حياتهم رعب الحرب مع نظام دكتاتوري عسكري (درغ)، والصراع عبر الحدود مع إريتريا في أواخر التسعينيات بتحريض من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي

 

احتجز أطفالنا في تيغراي كرهائن من قبل منظمة إرهابية هاجمت الدولة في 3 نوفمبر 2020 في الوقت الذي يتابع أقرانهم في الدولة دراستهم وحياتهم

تم استخدام الأطفال كجنود، وإجبارهم على المشاركة في القتال الفعلي الذي يعد انتهاكا للقانون الدولي، وقد استمرت المنظمة الإرهابية الجبهة الشعبية لتحرير تغراي بلا هوادة في شن عدوانها من خلال استخدام الأطفال وغيرهم من المدنيين

 

تتواصل صيحات النساء والأطفال في إقليمي أمهرة وعفر، يتتابع النازحون وتستمر المعاناة القاسية على أيدي الجبهة الشعبية لتحرير تغراي الإرهابية في ظل صمت المجتمع الدولي

 

إن الجهود العديدة التي بذلتها الحكومة الإثيوبية لتحقيق الاستقرار في الإقليم وتلبية الاحتياجات الإنسانية وسط بيئة معادية أوجدتها الجبهة الشعبية لتحرير تغراي، ما فتئت تحرف بشكل مستمر

 

تزايدت الضغوط الحادة والغير مبررة على دولة أفريقية نامية، ذات إمكانات لا حدود لها للازدهار، خلال الأشهر الماضية

 

هذا الضغط غير المبرر، الذي يتسم بمعايير مزدوجة ، متجذر في تشويه منظم للأحداث والحقائق على الأرض من حيث صلته بعمليات سيادة القانون في إثيوبيا في إقليم تغراي

 

وبصفتها صديقا قديما وحليفا استراتيجيا وشريكا في الأمن، فإن السياسة الأخيرة للولايات المتحدة ضد بلدي لا تأتي فقط كمفاجأة لأمتنا الفخورة، ولكن من الواضح أنها تتجاوز المخاوف الإنسانية

 

ومنذ ما يقرب من ثلاثة عقود، تعرض الإثيوبيون في جميع أنحاء العالم لانتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة، وانتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في ظل نظام الجبهة الشعبية لتحرير تغراي

 

تم استغلال هويات مختلفة تحت العلم الإثيوبي من قبل زمرة صغيرة استولت على السلطة لإفادة دائرتها الصغيرة على حساب الملايين، بما في ذلك فقراء إقليم تغراي

 

إن قمع المعارضة السياسية، والانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان، والتهجير، وخنق الحقوق الديمقراطية، والاستيلاء على أجهزة ومؤسسات الدولة من أجل تضخيم مجموعة صغيرة كانت تدير بلدا يضم الملايين دون مساءلة لمدة 27 عاما، وقد قوبل ذلك بالدعم من قبل مختلف الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة

 

والفترة التي كانت بين 2015 و 2018 ميزت صحوة إثيوبيا حيث تم خلع الجبهة الشعبية لتحرير تغراي من السلطة في انتفاضة شعبية، الأمر الذي يخبرنا عن الموقف الذي اتخذه الملايين في جميع أنحاء هذا البلد العظيم ضد مشروع إجرامي أخضع الإثيوبيين للقمع وجرد المواطنين من السلطة

 

لم ينته سجل الجبهة الشعبية لتحرير تغراي في تأليب مجموعة عرقية ضد الأخرى من أجل بقائها السياسي في عام 2018 عندما تولت إدارتي زمام السلطة، بل إنه تحور واشتد في الشكل، ولبسوا رداء الضحية، في الوقت الذي كانوا يمولون فيه العناصر لدعم عدم الاستقرار في جميع أنحاء البلاد

 

إن الزمرة الإجرامية المدمرة، الماهرة في الدعاية والمكائد الدولية لحقوق الإنسان والديمقراطية لصالحها، الآن تبكي بكاء الذئب بينما لا تترك أي جهد في مهمتها لتدمير أمة يصل عمرها إلى أكثر من 3000 عام

 

على الرغم من أن هذه الهلوسة لن تتحقق، إلا أن التاريخ سيسجل أن الفترة المضطربة المدبرة التي تمر بها إثيوبيا في الوقت الحالي يتم تبريرها من قبل بعض صانعي السياسات الغربيين والمؤسسات العالمية تحت ستار المساعدة الإنسانية وتعزيز الديمقراطية

 

 وفي إظهار لتطلع شعبي إلى التحول إلى الديمقراطية وغير المسبوق في تاريخ إثيوبيا خرج ما يقرب من 40 مليون من سكان بلدي للتصويت في 21 يونيو 2021 في أول محاولة لهذا البلد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة

 

وعلى الرغم من العديد من التحديات وأوجه القصور التي ربما واجهتها الانتخابات الوطنية السادسة، فقد ظهر تصميم الشعب الإثيوبي الحازم على العملية الديمقراطية في التزامه بفترة انتخابية سلمية، وعلى خلفية الفترات الانتخابية السابقة التي تم فيها انتزاع اختيار الشعب من خلال عمليات مزورة من قبل النظام السابق، جاءت انتخابات 2021 في أعقاب عمليات الإصلاح الديمقراطي التي بدأناها قبل ثلاث سنوات

 

تكمن أهمية انتخابات عام 2021 في نهايتها السلمية، مما يدل على المسار الجديد لإثيوبيا وسط التحذيرات العالمية من أن الانتخابات ستتسم بعدم النزاهة

 

و مع صدح الشعب الإثيوبي بصوته، وتأكيد إيمانه بحزب الازدهار، فإن حزبي وإدارتي سيقومون بهذه المسؤولية على أكمل وجه، ونحن مصممون أكثر من أي وقت مضى على إطلاق العنان لإمكانات التنمية العادلة لهذا البلد الأراضي، بل إننا أكثر إصرارا على منح شعبنا الكرامة والأمن والتنمية التي يستحقها في حدود الإمكانات المتاحة لدينا ودون الاستسلام لمختلف المصالح والضغوط المتنافسة

 

وسنفعل ذلك من خلال مواجهة التهديدات للديمقراطية والاستقرار التي تشكلها الأعمال الإجرامية والعدوانية

 

بينما تستمر التهديدات للأمن القومي والإقليمي والعالمي في كونها مكونا رئيسيا لمصالح الولايات المتحدة في أجزاء كثيرة من العالم، يظل سبب عدم اتخاذ إدارتكم موقفا قويا ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي مجهولا، هذه المنظمة التي صنفتها وزارة الأمن الداخلي الأمريكية على أنها  إرهابية من المستوى الثالث لأنشطتها الإجرامية في الثمانينيات

 

وبنفس الطريقة التي قاد بها أسلافكم “الحرب على الإرهاب” العالمية، فإن إدارتي بدعم من ملايين الإثيوبيين المتعطشين للحرية، والمطالبين لحقهم في السلام والتنمية والازدهار، يقودون أيضا “حربنا الوطنية على الإرهاب” ضد المشروع الإجرامي، الذي يشكل تهديدا لكل من الاستقرار الوطني واستقرار منطقة القرن الأفريقي

 

ظلت إثيوبيا الحليف القوي للولايات المتحدة في محاربة التهديد الإرهابي لحركة الشباب في القرن الأفريقي، ونتوقع أن تقف الولايات المتحدة إلى جانب إثيوبيا في محاربتها المنظمة إرهابية المماثلة، ومحاربة محاولة زعزعة استقرار القرن الأفريقي

 

 السيد الرئيس،  سيكون من الصعب على الشعب الأمريكي الذي دعم التدخلات العالمية لحكومة الولايات المتحدة تحت ذريعة التحول الديمقراطي أن يعرف أن دولة صغيرة فقيرة ولكنها غنية ثقافيا وتاريخيا وطبيعيا في شرق إفريقيا، وقد شقت مسارها في التحول الديمقراطي الخاص بها منذ ثلاث سنوات

 

ومع ذلك، فإن الشعب الأمريكي وبقية العالم الغربي تضللهم التقارير والروايات وتشويه البيانات للكيانات العالمية التي يعتقد الكثيرون أنها كانت مدفوعة لمساعدة البلدان الفقيرة مثل إثيوبيا، ومع ذلك فقد صورت الظالمين والغاصبين على أنهم ضحايا في الأشهر الماضية

 

يبتسم التاريخ دائما لأولئك الذين وقفوا من أجل الحقيقة، ولذلك أنا على يقين من أن الحقيقة ستشرق على هذه الأمة الفخورة إثيوبيا

 

نظر العديد من الإثيوبيين والأفارقة بتفاؤل إلى صعودك إلى الرئاسة في وقت سابق من هذا العام، هذا التفاؤل متجذر في الاعتقاد بأن الإدارة الجديدة لأفريقيا مع علاقاتها الأمريكية سوف تحقق أهدافها في عام 2021، وأن رئاستكم ستؤدي إلى احترام سيادة الدول الأفريقية وتعزيز الشراكات القائمة على النمو المتبادل والقراءة المتعمقة للسياق

 

 استمرت الدول الأفريقية التي تحررت من قيود الاستعمار منذ الخمسينيات من القرن الماضي في مقاومة سلاسل الاستعمار الجديد الذي يتجلى في العديد من الطرق العلنية والسرية، وعلى الرغم من الهروب من غياهب الاستعمار، فإن إثيوبيا تكافح الآن، بصفتها عضوا مؤسسا في الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا)

 

تظل إثيوبيا دولة فخورة تصمم من خلال أبنائها وبناتها وقربتها مع الدول الأفريقية الأخرى على مواجهة تحدياتنا الحالية مع الصمود الذي لا يقهر، وهذا هو الروح التي يميز هذه الأمة العظيمة

 

 كانت الدول النامية، مثل إثيوبيا تتوقع أن يتم رسم مسار جديد لها في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بعيدا عن تأثير الأفراد الذين رسخوا أنفسهم في سياسات الدول الأخرى

 

سياسة خارجية يمكن أن تخرج نفسها من القرارات المتخذة بناء على صانعي السياسات الرئيسيين وصداقات المؤثرين السياسيين مع الجماعات الإرهابية المتحاربة مثل الجبهة الشعبية لتحرير تغراي والتشويه السردي لمجموعات الضغط

 

لقد رأينا عواقب وتداعيات القرارات المتسرعة والمتهورة التي اتخذتها الإدارات الأمريكية المختلفة والتي تركت العديد من سكان العالم في ظروف مقفرة أكثر

 

من الضروري الإشارة هنا إلى أن إثيوبيا لن تستسلم لعواقب الضغط الذي يمارسه الأفراد الساخطون الذين يعتبرون تعزيز سلطتهم أكثر أهمية من حياة الملايين

 

هويتنا كإثيوبيين وهويتنا كأفارقة لن تسمح لهذا الأمر بأن يمر بسلام

 

إن الإذلال الذي واجهه أسلافنا في جميع أنحاء القارة لقرون لن يتم إحياؤه في هذه الأراضي التي ألهمت فيها ألوان الاستقلال الخضراء والذهبية والحمراء الكثيرين للنضال بنجاح من أجل حريتهم

 

 بارك الله في إثيوبيا وشعبها

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *