ماذا بقي للحديث عن سد النهضة؟

بقلم: سهيل بشرى
انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء ما أسماه بـ”عناد إثيوبيا” في الخطاب الذي ألقاه أمام الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال الرئيس إن نهر النيل كان “شريان الحياة الوحيد لمصر عبر التاريخ”، مؤكدا أن هذا يفسر “القلق الكبير للمواطنين المصريين بشأن سد النهضة الإثيوبي”.
اتهام إثيوبيا بالتعنت والعناد وغيرها من الاتهامات والادعاءات السابقة ليست إلا مصطلحات للاستهلاك الإعلامي، ويجب علينا قبل كل شيء أن نحرص على انتقاد المصطلح الذي يحاول البعض توظيفه في غير محله، فنحن في عصر المصطلحات.
هذه المصطلحات وغيرها لا تصمد أمام أي نقاش عقلاني، فلا يحق لأي أحد بأن يصف وصفا معينا يختلف تعريفه من شخص لآخر، فقط لأنه لا يملك أدلة صريحة تدعم تصريحاته أو تصمد في وجه النقاش.
ظلت إثيوبيا تتفاوض مع مصر والسودان وقدمت التنازلات العديدة، بل وأنها عدلت من هيكل بناء سد النهضة بناء على طلب من الخبراء الهندسيين وقد شهد بذلك خبراء البناء والسدود.
مصر والسودان يدعيان بأنهما لا يعارضان تنمية إثيوبيا، في حين أنهم يعملون على إفشال عمليات المفاوضات، تارة بعدم إرسال الخبراء إلى الاجتماعات الفنية وتارة بمحاولة تدويل القضية وتسييسها بعد توقيعهما على اتفاقية المبادئ في عام 2015 مع إثيوبيا.
اتفاقية المبادئ تمنح إثيوبيا الحق في بناء وتشغيل سد النهضة بكل وضوح وبما لا يتعارض مع القانون الدولي في المياه الجارية العابرة للحدود.
حاولت مصر مرارا وتكرارا تدويل القضية حتى وصلت إلى مجلس الأمن الدولي، والذي بدوره نفى أحقيته في التدخل في شؤون المياه التي تخرج عن نطاق ولايته، وصرح بإرجاع الأمر إلى طاولة المفاوضات تحت سقف الاتحاد الأفريقي، والذي تجاهله كل من مصر والسودان.
بطبيعة الحال فإن لدولة المنبع التي هي إثيوبيا الأولوية في استخدام المياه التي تنبع من أراضيها بنسبة 85%، ومع ذلك فإن السودان ومصر لا زالتا تحاولان اعتراض هذه المسيرة.
يبلغ عدد سكان إثيوبيا 117 مليون نسمة، وتصل إمدادات الكهرباء فيها إلى سكانها بنسبة 45%، بينما يبلغ نسبة وصول الكهرباء إلى السكان في مصر 99%، ويبلغ نسبة الحصول على المياه في إثيوبيا 42% بينما يصل ما نسبته 98% من المياه إلى سكان مصر.
سد النهضة الإثيوبي مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى الشعب الإثيوبي، وما تصوره وسائل الإعلام العربية من مخاوف ما هي إلا محض ادعاءات كاذبة بدليل التعبئتين الأولى والثانية والتي مرتا بسلام، بل أثبت خبراء السدود أنه لو لا سد النهضة لكانت الفيضانات في السودان ستؤول إلى ما هو أسوأ من ذلك.
مطالبات مصر والسودان بحقوقهم المائية ليست إلا محض اتفاقيات استعمارية عفا عليها الزمن وأكل عليها وشرب، وذلك مما ينافي ويتعارض مع القانون الدولي للمياه الجارية، بل إنها لا تتفق مع اتفاقية المبادئ التي وقعها الأطراف الثلاثة (إثيوبيا، مصر، والسودان) عام 2015.
ماذا بقي للحديث عن سد النهضة؟ لقد أوضحت إثيوبيا موقفها الواضح والصريح من الملف، وهذا ما وصفه واعتبره المسؤولون ووسائل الإعلام التي لا تتصف بالمهنية بـ”التعنت والعناد”.
لم تغير إثيوبيا موقفها ولن تغير بل ظلت صامدة وثابتة على أقوالها وأفعالها، وعلى درب التقدم والتنمية نسير في خطى ثابتة.
Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *